لا تخفى خصائص الشوفان الطبية وتركيبته عن عيون العلم المعاصر ولهذا زاد الإهتمام به كأحد أهم الحبوب الكاملة، تتعدد فوائد الشوفان وخصائصه الطبية وتنبع أهميته من غنى مكوناته.
ملاحظة: كلمات هذا المقال علمية بعض الشيء ويفهمها أكثر أهل الإختصاص، لذا يمكن قراءة مقالنا بعنوان فوائد الشوفان
[ للإطلاع على المزيد من المعلومات: فوائد الشوفان الصحية والتجميلية ]
يشكل النشا حوالي 60٪ من حبوب الشوفان ويتركز أساسا بسويداء الشوفان. يوجد فرق كبير بين الخصائص الفيزيائية والكيميائية لنشا الشوفان وغيرها من نشا الحبوب الأخرى كما يٌلاحظ أيضا وجود اختلاف في الخصائص الفيزيائية والكيميائية بين أصناف الشوفان المختلفة وذلك بسبب وجود تباين ناتج عن تفاعلات داخل سلاسل النشا الموجودة في الجزيئات الصلبة والبلورية في حبة الشوفان، كما يفسر ذلك أيضا بطول سلسلة الأميلوز والأميلوبكتين الموجودة بنشا الشوفان. يتميز نشا الشوفان بخصائص غير موجودة في بقية أنواع النشا مثل حجم الحبيبات الصغير والمسطح والغني بالدهون، وقد درس الباحثان "هوفر" و"فاسانثان" تغير خصائص نشا الشوفان في الضوء مقارنة مع نشا الحبوب الأخرى وأفادا أن لنشا الشوفان عامل انتفاخ أكبر مع نسبة لزوجة وانكماش عالية وانخفاض في الصلابة ومقاومة أكبر للألفا أميليز وسرعة كبيرة في الذوبان. ومع ذلك، لوحظت عدة اختلافات بين أصناف الشوفان وتم تصنيف النشا إلى ثلاثة أنواع حسب معدل الهضم: النشا بطيء الهضم والنشا سريع الهضم والنشا المقاوم للهضم، ويعد الهضم البطيء للنشا مهما لصحة الإنسان من أجل الحفاظ على توازن مستوى السكر في الدم في حين يعتبر النشا سريع الهضم الأكثر أهمية لأنه يعدل استجابة نسبة السكر في الدم ويحسن من الجودة الغذائية للطعام بينما يلعب النشا المقاوم للهضم دور الألياف الوظيفية ويقوم بوظيفة الجهاز الهضمي كما يوفر الكربوهيدرات التي تخمر بكتيريا القولون وتحفز الأيض المرغوب فيه بالإضافة إلى توفير مظهر وملمس أفضل من تلك الناتجة من الألياف المعتادة. يوجد النشا المقاوم في الحبوب والأطعمة التي تحتوي على النشا ولكن كثيرا ما يتم تدميره أثناء معالجتها، وينصح بتناول جرعة متكونة من 20 إلى 30 غ يوميا لملاحظة الآثار الفسيولوجية لاستهلاك النشا المقاوم مع العلم أن هذا المستوى هو 3 إلى 4 مرات أعلى من الاستهلاك الفعلي مقارنة مع النظام الغذائي البشري (5-10 غرام/يوم) حيث يستهلك سكان الولايات المتحدة تقريبا من 3 إلى 8 غرام يوميا من النشا المقاوم. تحتوي معظم الأطعمة على أقل من 3 غرام من النشا المقاوم بينما يحتوي الشوفان على كميات هامة منه ومن غيره من أنواع النشا: حوالي 7٪ من النشا سريع الهضم و22٪ من النشا بطيء الهضم و25٪ من النشا المقاوم للهضم من إجمالي النشا في الشوفان، ويمكن استهلاك الشوفان بانتظام لاستكمال هذه النشويات في النظام الغذائي.
من خصائص الشوفان أنه يتميز بتركيبة بروتينية فريدة ذات نسبة عالية تتراوح بين 11 و15٪، وتصنف بروتينات الحبوب إلى أربعة أنواع وفقا لذوبانها: البومينات (القابلة للذوبان في الماء) والجلوبيولين (قابل للذوبان في الماء) والبرولامينز (قابل للذوبان في محلول الكحول المخفف) والغلوتيلينز (قابل للذوبان في الأحماض أو القواعد).
يختلف بروتين الشوفان عن الحبوب الأخرى مثل القمح والشعير بطريقة توزيعه وبخصائصه الهيكلية، ففي القمح وبعض الحبوب الأخرى بروتين التخزين غير قابل للذوبان في محلول ملحي في حين أن نسبة كبيرة من جلوبيولين الشوفان (بروتينات التخزين في السويداء) قابلة للذوبان في الماء المالح.
يحتوي الشوفان على كمية عالية من الجلوبيولين (80٪) وكمية قليلة من البرولامين (15٪) وهذا الأخير هو عبارة عن جزيئات خفيفة الوزن (30 كيلو دالتون) موجودة في بروتين الشوفان وقابلة للذوبان في 50-70٪ من الكحول الإيثيلي وفي 40٪ من الكحول الإيزوبروبيلي، كما تحتوي على نسبة عالية من الجلوتامين والبرولين ونسبة منخفضة من الليسين مقارنة مع أنواع البروتين الأخرى. يتميز الأفينين، وهو نوع من البرولامين، بوظيفة تخزين مماثلة لتلك الموجودة في برولين الحبوب الأخرى، كما تتراوح قيمة الجلوتيلين بين 5 و 66٪ من البروتين الكلي نظرا لكونها صعبة الذوبان. يعد الألبومين الذواب في الماء الأكثر تواجدا بين جميع البروتينات النشطة في الشوفان بنسبة تتراوح بين 1 و12٪ من البروتين الكلي للشوفان ويحتوي الألبومين والجلوبيولين عموما على كمية كبيرة من الليسين ما يجعل الشوفان غنيا بالليسين بالمقارنة مع الحبوب الأخرى، في حين أنها تحتوي على نسبة ضعيفة من حمض الغلوتاميك والبرولامين.
يحدث مرض الاضطرابات الهضمية عند تناول الغلوتين من قبل من يتحسس من هذا المكون، وهو بروتين مركب قابل للذوبان في الكحول ويوجد أساسا في القمح والحبوب الأخرى مثل الشعير. لدى الأفراد الحساسة وراثيا، يسبب استهلاك الغلوتين رد فعل مناعي معوي غير ملائم يتميز بضمور زغابي وتضخم خفي، مما يؤدي إلى سوء امتصاص البروتينات والدهون والكربوهيدرات والفيتامينات القابلة للذوبان والفولات والمعادن وعلى وجه الخصوص الحديد والكالسيوم، ويبقى العلاج الوحيد المتاح هو استبعاد الغلوتين تماما من النظام الغذائي للمريض. يحتوي الشوفان على بروتينات ذات قيمة غذائية عالية ومع ذلك لا يمكن التأكيد بإمكانية اعتبار الشوفان طعاما آمنا لمرضى الاضطرابات الهضمية، لهذا يوصي بعض الخبراء بعدم استهلاك الشوفان في حين دعا آخرون إلى إمكانية تناوله. يعتمد استعمال الشوفان في نظام غذائي خال من الغلوتين على مركبات البروتين والبومينات والجلوبيولين والبرولامين (الأفينيات) والجلوتيلين التي يحتوي عليها، وينتمي البرولامين والغلوتيلين إلى بروتينات التخزين في السويداء والذي يشكل حوالي 60-70٪ من بروتين الحبوب، وتعتبر مركبات البرولامين صعبة الانحلال في الماء وبالتالي صعبة الهضم، وتتميز نسبة البرولامين في الشوفان (10-15٪ من البروتين الكلي) بكونها منخفضة نوعا ما بالمقارنة مع القمح (40-50٪) والجاودار (30-50٪) والشعير (35-45٪). وقد ذكر الخبراء أن الأفينين (برولامين الشوفان) يمكن أن يكون مسؤولا عن حالات تسمم لدى المرضى الذين يعانون من الاضطرابات الهضمية فقط إذا تم استهلاك الشوفان بكميات كبيرة مقارنة مع الجاودار والشعير.
أشارت بحوث علمية إلى أن الشوفان يحتوي على نسبة 78٪ من البروتينات القلوية القابلة للذوبان و11٪ قابلة للذوبان في الكحول و2.9٪ قابلة للذوبان في الملح و4٪ من البروتينات المتبقية والنيتروجين غير البروتيني. لتوسيع نطاق تطبيق بروتين الشوفان كمكون غذائي، تم إجراء تعديل كيميائي للتحسين من قدرته على الذوبان، وهي خصائص لازمة لإمكانية صنع منتجات غذائية مختلفة منخفضة الدهون.
تعد الألياف الغذائية جزءا أساسيا من الأغذية البشرية، وهي تتكون من العديد من المواد النباتية التي لا يتم هضمها في الجهاز الهضمي العلوي، كما تحتوي على العديد من السكريات مثل البيتا جلوكان الموجود في الحبوب والأرابينوكسيلان والسليلوز. تتركز الألياف الغذائية في جدران خلايا الحبوب وتساهم الطبقات الخارجية والإنتيغمنت والبيريكارب بشكل كبير في تكوين الألياف الغذائية غير القابلة للذوبان.
وفقا للجمعية الأمريكية لكيميائيي الحبوب تعرف الألياف الغذائية بأنها "الجزء الصالح للأكل من النبات أو من الكربوهيدرات المتماثلة التي تقاوم الهضم والامتصاص في الأمعاء الدقيقة للإنسان مع قابلية للتخمير الكلي أو الجزئي في الأمعاء الغليظة، وتتكون الألياف الغذائية من السكريات والأوليغوساشاريدس واللجنين والعناصر النباتية، كما تعزز الآثار الفيسيولوجية المفيدة بما في ذلك الاسترخاء و/أو خفض نسبة الكولسترول والجلوكوز في الدم".
يعتبر بيتا جلوكان الشوفان وفقا لهذا التعريف من الألياف الغذائية، وبما أنه عبارة عن سكريات نباتية مقاومة للهضم وللامتصاص في الأمعاء الدقيقة، فإنه يقلل أيضا من نسبة الكوليسترول والجلوكوز في الدم، وقد أثبتت دراسة بأن الألياف الغذائية تنظم معدل الهضم وامتصاص المغذيات وتعمل بمثابة ركيزة لميكروبات الأمعاء وتعزز الاسترخاء.
اعتمدت لجنة التغذية والأغذية التابعة لهيئة الدستور الغذائي سنة 2008 تعريفا جديدا للألياف الغذائية باسم "بوليمرات كربوهيدراتية ذات 10 وحدات أحادية أو أكثر"، وهي لا تنحل بواسطة إنزيمات الأمعاء الدقيقة للإنسان، لهذا لا يعتبر النشا جزءا من الألياف الغذائية نظرا لأنه ينحل بواسطة الإنزيمات ويتم امتصاصه في الأمعاء الدقيقة. يحتوي الشوفان الكامل على كمية كبيرة من الألياف الغذائية وخاصة البيتا جلوكان الذواب في الماء بنسبة تتراوح بين 2.3 و 8.5/100 جم، وقد صرحت إدارة الغذاء والدواء بأن تناول 3 غرام يوميا من البيتا جلوكان القابل للذوبان الموجود في الشوفان يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية. يستعمل الشوفان أيضا للحد من مستويات الكولسترول في الدم، حيث أن ألياف الشوفان الغذائية وخاصة البيتا جلوكان تحتوي على خصائص مضادة للسرطان وذلك عن طريق الحد من المركبات التي تسبب سرطان القولون والحد من مستويات الكوليسترول وضغط الدم، والجرعة الموصى بها من البيتا جلوكان بالنسبة لأكلة واحدة هي 0.75 غرام/جزء.
يعتبر الشوفان مصدرا جيدا للدهون مقارنة بالحبوب الأخرى التي تعد بدورها مصادر ممتازة للطاقة وللأحماض الدهنية غير المشبعة. توجد غالبية دهون الشوفان في السويداء بنسبة تتراوح من 5.0 إلى 9.0٪ من إجمالي محتوى الدهون، وقد تبين أن كمية الدهون الموجودة داخل حبة شوفان سليمة ومخزنة لمدة سنة في درجة حرارة معتادة تبقى مستقرة بسب قدرتها على الحماية ضد مضادات الأكسدة مثل توكوفيرولز وحمض الاسكوربيك وثيولس والأحماض والأمينات الفينولية والمركبات الفينولية الأخرى.
يستخدم الشوفان كعلف للحيوانات لأنه يعزز الطاقة بسبب احتوائه على كمية هامة من الأحماض الدهنية، ولكن عندما يستخدم كغذاء بشري تتسبب كمية الدهون الكبيرة في عدة مشاكل مثل النكهة السيئة واللون البني المفرط في المنتجات المحمصة. كما يحتوي الشوفان على كمية كبيرة من الليباز وهي عناصر يمكن أن تسبب النتانة وأن تقصر في مدة صلاحية منتجات الشوفان المصنعة عند سوء التصرف فيها.
يعتبر البيتا جلوكان بالإضافة إلى المركبات الفينولية وغيرها من المركبات المضادة للأكسدة (توكوفيرولز وتوكوترينولز وحمض فيتيك وفلافانويدز والمركبات الفينولية) من المكونات الرئيسية المسؤولة عن فوائد الشوفان وخصائصه التي يتميز بها.
تتميز المواد المضادة للأكسدة مثل الفيتامين E بقدرتها على حماية الجسم ووقايته من الأمراض مثل السرطان والتهاب المفاصل وتصلب الشرايين وعتمة عدسة العين. يحتوي برعم الشوفان على كميات هامة من التوكوفيرول (ايزومرات a و c) في حين تتركز التوكوترينول أساسا في السويداء.
التوكول الأساسي بالشوفان هو ألفاتوكوترينول ولكن توجد أيضا كمية صغيرة من التوكوفيرول ونظرائها، ويتراوح مجموع توكول من 19 إلى 30.3 ملغ/كغ و تتراوح نسبة ألفا توكوترينول وألفا توكوفيرول معا بين 86 و 91٪ من إجمالي التوكول، وقد تبين بأن التوكول بقيت سليمة في الشوفان الغير معالج لأكثر من 7 أشهر من التخزين في درجة حرارة الغرفة، في حين تلفت هذه المركبات عند معالجة الشوفان في أقل من شهرين.
يعتبر الشوفان مصدرا جيدا للمركبات الفينولية المشتقة أساسا من أحماض هيدروكسي بنزويك وهيدروكسيناميك، وقد أظهرت الدراسات أن للأحماض الفينولية الموجودة في الشوفان (مثل حمض الفيروليك وحمض الكوماريك والكافيين وحمض الفانيليك وحمض هيدروكسي بنزويك ومشتقاته) خصائص مضادة للأكسدة.
يعتبر البوليفينول أحد أهم العناصر المضادة للأكسدة وقد أظهرت دراسات حديثة أن له منافع جمة للجسم مثل تحسين بطانة الأوعية الدموية يالإضافة إلى خصائص مضادة للالتهابات.
لا تستخدم قشور الشوفان كثيرا في الأغذية على الرغم من احتوائها على كميات كبيرة من حمض الفيروليك القابل للذوبان (أفينانثراميد مضاد للأكسدة وأحماض فينولية أخرى)، ويبلغ مجموع استرات حمض الفينول في الشوفان حوالي 8.7 ملغم/كغ، في حين أن استرات حمض الفينول القابل للذوبان هي 20.6 ملغم/كغ والأحماض الفينولية الغير قابلة للذوبان حوالي 57.7 ملغ/كغ.
يتميز الشوفان عن بقية الحبوب باحتوائه على مجموعة فريدة من المواد المضادة للأكسدة المعروفة باسم أفينانثراميد والتي تمتلك نشاطا مضادا للأكسدة 10 إلى 30 مرة أعلى من غيرها من مضادات الأكسدة الفينولية مثل الفانيلين وحمض الكافييك. وقد أشارت دراسات أولية الى أن لِـ "الأفينانثراميدس" خصائص مضادة للالتهابات ولتصلب الشرايين كما أنه يساهم في تعديل ضغط الدم بفضل انتاجه لأكسيد النيتريك الذي يوسع الأوعية الدموية.
الأقسام الرئيسية
المقالات السابقة
فوائد الشوفان وأضراره: ملف علمي شامل
2018-02-06